حى المغربلين
الأمر أكثر من رائع و مميز.
فتح عينيه على وجهها الذي يحفظه بقلبه من أكثر من ثلاثون عاما طبق من الحلوى البلدي الأصيلة مهما تذوقت منها زادت رغبتك بها بابتسامة صافية و صوت يشوبه الحب أجابها
_ حد يشوف البدر في عز الشمس و يكون في حاجة كفاية عليا عيونك يا جليلة فيها الدنيا كلها بالنسبة ليا..
تركته و صعدت لتجلس على مكتبها قائلة بصوت مرتفع
_شيماء سعيد _
بحى المغربلين الشقة الخاصة بجليلة.
بالمساء تجلس فريدة بحزن شديد بجوار فتون على فراشها تحمل بداخلها
ذنب كبير تجاه جليلة و بنفس الوقت هي مشتاقة إلى شقيقها فاروق ابتلعت لعابها قائلة لفتون بتوتر
_ فتون أقولك أنا كنت فين الصبح بس أوعي جليلة تاخد خبر.
أومأت لها الأخرى بحماس و إهتمام شديد لتكمل فريدة حديثها
انتفضت فتون على أثر حديث فريدة غير منتبهة لجرس المنزل إذا علمت جليلة ستكون العواقب وخيمة فاروق و جليلة عبارة عن شعلة من النيران ټحرق الأخضر و اليابس ضړبت على ها بحركة عفوية قائلة
_ يا لهوي يا فريدة لية كدة آخر مرة جليلة رفضت الكلام معاكي أكتر من شهر فاروق أصلا إحنا برا أي حساب له ليه تقللي من نفسك بالشكل
ردت عليها فريدة بضيق
_ فاروق أخونا يا فتون بيحبنا زي جليلة بالظبط مش ذنبه إن بابا كتب كل حاجة له و إحنا لا و خصوصا جليلة اللي كانت شايلة كل الشغل معاه خطوة خطوة فاروق عايزنا نعيش معاه و يدي لينا كل حاجة حتى قالي إنه ممكن يعمل ليا برنامج خاص لو عايزة و ينشر ليكي في أحسن دار نشر المشاكل بينه و بين جليلة إحنا مش فيها خالص بقى..
_ و هو عرف إننا عايزين كل ده منين! منك صح! أنا بجد زعلانة منك يا فريدة.. حياتنا الخاصة مش من حق فاروق إنه يبقى جزء منها و لو بتقولي العيب في بابا عشان كتب كل حاجة له فهو كان يقدر يرجع الحق لينا لو عايز ده إحنا مش كلاب عشان يرمي لينا عضمة..
قطع حديثهم دخول جليلة المفاجئ بإبتسامة سعيدة من الأذن إلى الأذن ثم أردفت و هي تقول لفريدة
_ كبرتي يا فريدة و بقى ليكي عرسان حضري نفسك الحاج منصور و إبنه عابد برا في الصالون عابد طالب إيدك يا بيضة.
شيماء سعيد
استغفروا لعلها ساعة استجابة
الفصل الثاني
بداية_الرياح_نسمة
حي_المغربلين
الفراشة_شيماء_سعيد
جسدها يرتجف من الړعب كأنها بشهر ديسمبر لا تشعر بما يحدث حولها العالم خلفها بوادي و هي بوادي آخر لا يصل إليها أصواتهم أو أي كلمة تخرج منهن.
كل ركن بالمكان يذكرها بشيء يجمعها به هنا تعلمت على يده القراءة و هنا تذوق أول وجبة منها و كانت بشعة إلا أنه رآها أجمل ما دلف إلى فمه سارت مع نساء العائلة و مرت من أمام غرفته قبل أن تدلف للغرفة المجاورة و الخاصة بفارس.
بقيت بمفردها بغرفة تكاد تختنق بها و باب مغلق عليها
ظلت بثوب زفافها ملقية بجسدها على الفراش ربما تكون مازالت تتنفس إلا أنها فارقت الحياة مع آخر جملة سمعتها منه آسف بس الموجة عالية جوي المرة دي.
أغلقت عينيها بمحاولة أخيرة منها للهروب أو يظهر أن كل ما حدث مجرد كابوس مرعب لن تقصه على أحد حتى لا يتحقق.
بخفوت أغلق باب الغرفة خلفه تحول من شقيق العريس و شاهد على عقد الزواج إلى العريس نفسه خطڤ نظرة سريعة لها قبل أن يدلف للمرحاض تائه لا يعلم ماذا يفعل أو على الأقل ما يحدث حوله.
بعد عشر دقائق أردف بصوت هادي
_ فرحة أنا عارف إنك صاحية لازم نتكلم.
ارتجفت أصولها هم بالصعيد و هذه من المفترض ليلة زفافهم أخذها عقلها إلى مكان بعيد لتصرخ بكل قوتها و هي تنكمش بآخر زاوية بالفراش
_ فارس أنا فرحة بنت عمك و حبيبة عثمان أرجوك بلاش تعمل أي حاجة تكسر اللي باقي مني أنا تعبت أوي النهاردة و مش قادرة
أتحمل كل ده.
جلس على الطرف الآخر من الفراش بنفس هدوئه حياته الفنية علمته التمثيل بشكل جيد حتى بأصعب الأوقات إبتسم بوجهها قائلا
_ مټخافيش يا فرحة إنتي أختي مش بس بنت عمي اللي حصل تحت إنقاذ موقف مش مطلوب منك تعملي أي حاجة ربنا العالم إنتي عندي إيه زيك زي هادية أختي بالظبط نامي على السرير و أنا على الأرض بكرا لازم تنزلي معايا القاهرة عندي تصوير الواحد مش قادر
يتكلم خالص النهاردة.
لم تصدق ما قاله اتسعت مقلتيها بذهول منه و من حنانه يا ليت لديها بالفعل شقيق
مثله و بعقله أشارت إلى الشرفة المفتوحة و الناس بالخارج مردفة بتوتر و خوف
_ طيب و الناس اللي تحت دي هتعمل فيهم إيه يا ولد عمي!
_ تعالي و مټخافيش يا فرحة.
_ عثمان مستحيل يتخلى عني يا فارس صح!
شيماء سعيد
تقف خلف باب غرفتها تسمع أحاديثهم بالخارج ضحكته المعبرة عن سعادته مثل السم القاټل لها رفعت هاتفها لترى رسالته الأخيرة بالصباح الليلة هنكون لبعض قصاد الكل يا حب عمري كله.
كڈبة صغيرة بلحظة طيش لتنتهي بأخذ قطعة من روحها و هي فقط عليها المشاهدة
عاجزة مشاعر قاسېة تسلب منها قلبها و تلقي بها بمكان مظلم فتحت باب الغرفة لترى ملامحه التي تعشقها يبتسم إلى شقيقتها فهو بالنسبة له حقق حلم العمر.
سقطت دموعها و ارتجف فكها بداخلها صړخة مكتومة لا تقدر على إخراج جزء بسيط منها دقاتها تتألم و أنفاسها تأخذها بصعوبة على عدة مراحل..
بالخارج..
ترك الحاج منصور و جليلة بعض المساحة لهما
ليبقى معها بمفرده إقترب من مقعدها قائلا بشوق
_ أخيرا الحلم اتحقق يا فريدة..
لم تجيبه استكفت فقط بإعطاء إبتسامة مجاملة إليه تعجب من صمتها و تعجب أكثر من عدم وجود خاتمه الخاص بكفها سألها بقلق بالغ
_ مالك يا فريدة انتي مش مبسوطة إننا هنكون سوا!
ابتلعت لعابها بتوتر لا تريد أن تجرحه بأي كلمة فعابد رجل فريد من نوعه رفعت رأسها لترى نظرات جليلة المحذرة فهي حمقاء بالحديث و قليلة الذوق بكثير من الأوقات فركت بأصابعها قائلة بنبرة هادئة
_ أنا كويسة يا عابد و مبسوطة.
مد يده يضم كفها إليه قائلا بحماس
_ طيب يا حبيبتي يبقى نقرأ الفاتحة إيه رأيك.
ردت عليه بسرعة البرق قائلة
_ لا لالا يعني أنا حابة أبيه فاروق يكون موجود في يوم زي ده.
أومأ لها رغم معرفته لعدم حبها لفاروق و شعورها الدائم بالنقص و عدم الأمان بسببه مرت الجلسة على خير و بطريقه إلى الخارج لمح طيفها
تقف خلف باب غرفتها ثبت مكانه لعدة ثواني مع رؤية دموعها المتساقطة مثل قطرات الندى على أوراق الشجر.
بالداخل كان مع حبيبته و لم يشعر بما يتحرك بداخله الآن قلبه يدق مع نغزة قوية لا يعلم مها بدون إرادة منه رفع يده كعلامة على التحية إلا أنها أغلقت باب الغرفة سريعا لأول مرة ينطق حروف إسمها بنبرته الرجولية و صوته الهامس قبل أن يخرج خلف أبيه
_ فتون.
بالداخل ركضت لفراشها و ألقت بجسدها عليها تضع الوسادة على رأسها لتخفي معالم وجهها الباكية مع صوت جليلة و فريدة بالخارج الذي بدأ يرتفع.
جليلة پغضب
_ يعني إيه مش أخدة عابد يا فريدة ماله عابد إبن الحاج منصور الحي كله بيحلف بأخلاقه.
رفعت فريدة رأسها لجليلة قائلة بهدوء
_ عادي يا جليلة أنا مش حابة أكون زوجة له فين المشكلة في كدة هو إنسان محترم و كل حاجة لكن أنا مش شايفة فيه فارس أحلامي من و إحنا عيال صغيرة يعتبر عابد أخويا مش أكتر من كده أنا سكت في القعدة عشان الموقف محرج غير كدة لا.
اعتدلت جليلة بوقفتها مردفة بنبرة صارمة
_ طالما في حد في حياتك غيره يبقى عابد أولى بيكي يا بنت المسيري لكن لو فيه يبقى أعرف من دلوقتي.
فقدت فريدة السيطرة على أعصابها بشكل كبير جليلة دائما تفرض الأوامر دون إعطاء
أحد فرصة للرفض لذلك وقفت أمامها قائلة
_ مفيش غيره و مش هكون له يا جليلة مهما حصل
قطع حديثها وقوع جسد على الأرض بغرفة فتون مع صړخة قوية من شقيقتها.
شيماء سعيد
بإحدى العيادات الخاصة بالقاهرة.
جلس فاروق أمام طبيبه الخاص بصمت شديد مل من أزمة
لا يعلم لها سبب أو نهاية و الملل الأكبر من هذا الطبيب الأحمق الذي لم يستفد منه بمعلومة واحدة طوال الأشهر الماضية.
تابع الطبيب صمته بإبتسامة مستفزة ففاروق المسيري المړيض الذي لا يعاني من أي مرض ما يريده أمام عينيه و هو فقط يبحث عنه هنا و هناك بتشتت.
يضع ساق على الآخر و يريح جسده على المقعد بهدوء يرفض رفضا شديدا النوم على هذه الاريكة ليتحدث عما بداخله قطع الصمت سؤال الطبيب
_ حمد لله على السلامة يا فاروق بيه العيادة نورت.
رمقه الآخر بنظرة ڼارية لا يعلم من أين يأتي بهذا القدر من البرود ابتلع الطبيب ريقه بصمت يعلم ڠضب فاروق المسيري جيدا ليعود بسؤال آخر جاد
_ إيه اللي حصل في الرحلة الأخيرة!
بتنهيدة حارة أجابه
_ زي كل مرة أشوف واحدة تعجبني أطلع على المحامي الخاص بيا و نتجوز مع أول مرة تختفي الاعجاب بشكل كامل ببقى زي التلميذ اللي بيذاكر عشان يجيب مجموع مع أنه مش طايق المادة أفضل أحاول شهر كامل ..
لغز غريب هذا الرجل يتلهف على المرأة و مع أول لقاء بينهما ينفر منها كتب بعض الكلمات الدقيقة
على ورقته ثم أردف بهدوء
_ طيب يا فاروق بيه ما تجرب تتجوز من مصر بدل دول الأجانب!
رد عليه برفض شديد يستحيل أن يتزوج من